الخميس، 29 ديسمبر 2011

رسالة الي المجلس العسكري سؤال اجباري

رسالة الي المجلس العسكري

انفعالا بموضوع التعبير الاجباري علي طلبة الصف الاول الثانوي فى اللغة العربية، فى كتابة رسالة الي المجلس العسكري نشكره علي حماية مصر رغم ماتعرض له من اهانات رايت ان كتابة هذه الرسالة فعلا اجبارية علي كل مصري، و علي الرغم من ان الرسالة الحقيقية يمكن ان تتحول الي تلغراف بسيط في عدة كلمات و هي " يسقط يسقط حكم العسكر" بس انا بصراحة عايز اخد الفول مارك فى التعبير و اكتب الموضوع بضمير وعلشان كدة ابداء رسالتي :

يا مجلس العار، يا كدابين، يلي ايديكم ملوثة بدماء الشهداء، يلي عملته فى الشعب المصري والثوار اسواء من اللي عامله مبارك، كيف تنامون؟، كيف تنظرون الي ابنائكم و زوجاتكم كل يوم ، والعار و الخزي يملئكم؟ الا تشعروا بالخجل؟ هل ماتت ضمائركم الي هذا الحد؟ لقد دهست مدرعة الجيش المصري مئات الابرياء امام ماسبيرو، فى مظاهرة سلمية ولم يحاكم احد؟ وهو سؤال فعلا ساذج، من سيحاسب من؟ وانتم الذين اصدرتم اوامراكم بقتل الابرياء من هذا الوطن وانتم مكلفون بالدفاع عنه.

لقد قام جنودكم علي مدي خمسة ايام بقتل المتظاهرين امام شارع محمد محمود و انتم تتفرجون، سعداء بكل دم طاهر يسيل لانه مصري سكت صوته الي الابد، و لن يصرخ فى وجهكم القبيح، بانكم خونة و فاشلون.

ثم قام جنودكم بمزيد من القتل و السحل لمزيد من الابرياء فى شارع القصر العيني، وانتم تضحكون وسعداء بكل قدم تدهس مصري، وتاملون معها ان تدهس كرامة كل مصري، وتذرع الخوف وتحطم اماله بالحرية.

ثم تخرجون الينا اراجوزاتكم الاعلامية الفاشلة، بعين باردة وقحة، تكذب و الحقيقة عارية، تتهمون الاخرين و انتم مذنبون، تبثون سموم الفتنة و انتم من زرعتوها، تريدون ان تروا الخوف في اعين المصريين و انتم تترعشون بداخلكم.

لقد سقطت الاقنعة ونزعنا وجه مبارك لنري ١٢ مبارك اخر، يؤمنون بما يؤمن و يفعلون ما يفعل، دماء الشهداء التي سالت هي الكابوس الذي سيطاردكم الي الابد، انه العار الذي سيلحقكم مهما طال الزمن، لم يعد احد يصدق انكم حماة الثورة، انها اكذوبة تهاوت مع كل طلقة رصاص اطلقت و كل طوبة حدفت و مع كل عصاة هوت عل جسد مصري كل مع فعل هو انه صرخ بجرائمكم

ماتفتكروش ان الناس سكتة علشان مصدقين الاكاذيب والتهم التي تلقونها الان علي كل من يصرخ فى وجهكم بانكم مجرمين و كدابين وخونة و انكم ابدا لم تكونوا مع الثورة، بل يعلم الكثيرون ان كل ماتهدفون اليه هو قتل الثورة والثوار و حماية انفسكم و الاموال التي نهبتمهوها ايام مبارك، وتتطبون عل مبارك و العادلي فى محاكمات صورية، وتشغلون القوي السياسية باكاذيب عن الديموقراطية، علي امل ان تملئ اكاذبيكم اسماع و اذهان المصريين، فيصبحون كالنعاج يملئهم الخوف من مؤامرات خارجية مزعومة، وانهيار وهمي للدولة، فلا يصرخون فى وجهكم بالحقيقة التي ترتعشون منها، بانكم وجه اخر للحكم السلطوي العسكري الفاشل، وايديكم ملوثة بدماء المصريين.

سترحلون يامجلس العار قريبا، سترحلون.

يسقط يسقط حكم العسكر.



الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

موت الفقراء شارل بولدير


*
إنه الموت الذي يعزّي واحسرتاه
وهو الذي يحملنا على الحياة
إنه غاية الحياة والأمل الوحيد
الذي يرفعنا ويبعث كالإكسير النشوة في نفوسنا
ويزوّدنا بالجرأة التي تجعلنا نتابع الطريق إلى النهاية
عبر الإعصار والثلج والجليد
هو الضوء المتموّج في آفاقنا السّود
إنه الفندق الذائع الصيت
الذي يوفر الطعام والراحة والنوم
إنه الملاك الذي يحمل بين أصابعه السحرية
الرقاد ونعمة الأحلام السعيدة
ويسوي مضاجع الفقراء والعراة
هو مجد الآلهة ومخزن الغلال الرمزي
وكيس نقود الفقراء وموطنهم القديم
إنه الرواق المفتوح على الآفاق
المجهولة...
*
ترجمها عن الفرنسية
حنّا الطيّار
جورجيت الطيّار



الأحد، 18 ديسمبر 2011

ليه الجيش بيعمل كدة؟



ليه الجيش بيعمل كدة؟

وبصراحة لازم نقول الجيش مش بس المجلس العسكري علشان ناس كتيرة فى الاعلام تقعد تقولك الجيش حاجة و المجلس العسكري حاجة تانية، و دي اول كدبة صدقنها او عايزين نصدقها، الناس نفسها ان تفصل بين الدور السياسي الذي يقوم به المجلس العسكري و الجيش ولكن الحقيقة انهم جزء لا يتجزء و نسيج واحد وقادة المجلس العسكري هم بالفعل قادة الجيش و جنودهم بتلتزم باومراهم، مشكلتنا اننا بنتعامل علي عكس هذه الحقيقة، الجيش و المجلس كيان واحد ولاانفصال بينهم باي صورة من الصور.
المقدمة دي مهمة جدا لفهم ليه الجيش بيعمل كدة؟ ليه حصل عنف فى ماسبيرو وسقط ضحايا؟ ليه عمل كدة فى مجلس الوزارء و سقط ايضا ضحايا فى اقل من شهر، لفهم هذه الاحداث يجب النظر الي طريقة عمل الجيش و طريقة تسلسل القيادة فى الجيش و طرق اتخاذ القرار، ومصادر المعلومات لدي الجيش، فهم ده، هيوضح ازاي الاحداث العجيبة اللي بنشوفها قدامنا دي بتحصل.

الحقيقة ان المجلس العسكري لديه اقتناع راسخ ومؤكد ان هناك عناصر مدسوسة تعمل علي زعزعة استقرار مصر و جرها الي مواجهات بشكل او باخر و ان الناشطين السياسين مدفوعين باجندات اجنبية بشكل او باخر، وتاكد هذا المعني فى الاتهام الصريح الذي وجه اللواء الرويني الي حركة ٦ ابريل بتلقي بتمويل اجنبي، و علي الرغم من تبرئة القضاء للحركة، الا انه سارع المجلس بتاكيد ان التحقيقات مازالت مفتوحة!
من المؤكد ان مصدر هذا الاعتقاد الراسخ لدي المجلس العسكري واعضائه له مايبرره، من وجهة نظرهم، ربما تكون مصادر هذه المعلومات المخابرات العسكرية او المخابرات العامة او الامن القومي، وقد صرح اعضاء فى المجلس انه سيتم نشر المعلومات فى الوقت المناسب، الذي يبدو انه لن ياتي ابدا.

هذه التقارير هي مصدر هذا الاعتقاد الذي يترسخ كل يوم اكثر و اكثر لدي اعضاء المجلس العسكري، وهذه هي اكبر مصيبة فى التعامل مع الاحداث، فعلي الرغم من انني لا اعلم محتوي هذه التقارير ولا مدي دقتها او صدقها، فاني علي يقين بان من اعتصموا عند المجلس الوزراء و المتظاهرين فى ماسبيرو و محمد محمود ليس لهم اجندات و ليسوا جزء من مخططات اجنبية لهدم مصر، انهم شباب وشابات و رجال ونساء و اطفال من شعب مصر، يملئهم غضب مكتوم يكبر كل يوم و من كل طبقات الشعب و طوائفه ويتوجهون للتعبير عن غضبهم الي الشارع لاسباب مختلفة، يجمعهم شعور عام بان الثورة لم تحقق اهدافها، و يشعرون ببطء اتخاذ القرار و التخبط وساعات كتيرة بينزلوا تعاطفا مع الثوار لما بيسمعوا انهم اتقتلوا و اتضربوا، علشان عارفين ان لول هؤلاء القلة الثائرة، لما كان فيه امل في بكرة.

عدم قدرة المجلس علي فهم هذاالغضب الشعبي المكتوم، واصراره الشديد علي ان كل من يتوجه فى اعتصام او مظاهرة هو مدفوع باجندة خارجية و غير وطني هو سبب رئيسي لحدوث هذه المواجهات الدامية المستمرة، وعدم تغير هذه الصورة و الانطباع لدي قادة المجلس العسكري له اسبابه، و السبب الرئيسي هو طريقة عمل الجيش كمنظومة، فقادة الجيش لا يستقون معلوماتهم من الفيس بوك و التويتر او الاعلام، كل ده مالوش لازمة فى نظرهم، او علي اقل تقدير لا ينفع كمصدر معلومات موثقة من وجهة نظرهم، فهم يستقون معلوماتهم " الموثقة" فى نظام تسلسلي قيادي، يصدر تقاريره عن الاحداث.

وده يفسر بطء اتخاذ القرار و التحرك الذي يشوب اداء المجلس العسكري، فهو دائما فى انتظار هذ التقارير العسكرية الامنية، لاتخاذ قراره، والتصرف علي ضوء مافيها، من يكتب هذه التقارير؟ الصف الثاني من القيادات قى الجيش لم يتغير بالطبع، ونشيء واتربي فى حضن مبارك، ومن الصعب تصور تعاطفهم مع الثورة وومطالبها، او الثوار و احلامهم، فايام مبارك كانت رائعة لهم، والانسان بطبعته يكره التغيير، غير انه اتعود انه يشرب وياكل احترام القيادات، فما بالك بمبارك القائد الاعلي للقوات المسلحة، هذه الكراهية الدفينة للثورة استطيع ان اجزم انها تغلف الكثير ممن ينتمون للجيش، و من الصعب تصور انهم قادرون عل كتابة تقارير محايدة او ناقلة بصدق لما يحدث علي الارض.

اضف الي ذلك رغبتهم فى حماية انفسهم و زملائهم من الجيش من اي نقد او تسجيل اخطاء قد تضر بيهم، وده يفسر بشدة ان يصرخ الجميع من الصور و الفيديوهات التي تملاء الانترنت، وبها جنود و عساكر و ظباط يحملون اسلحة نارية، ثم يصدر تصريحات لايعقلها عاقل تقول ان الجيش مكانش معاه سلاح!

يصرخ الجميع بان الشهداء يسقطون و بعدين تصريحات مستفزة بان الجيش لم يستخدم القوة فى فض الاعتصام هذا الازدواج و التناقض الشديد بين ما يحدث فى الواقع وتقارير الجيش هو نتاج طبيعي لكيفية عمل الجيش و تسلسل نقل المعلومات بداخله.

للاسف الشديد سنظل فى هذه الدائرة المفرغة من واقع مفزع علي الارض يسقط فيه ضحايا و دماء وسحل و انتهاك لحرمات الناس وبين صورة اخري مغايرة تماما يتم نقلها داخل الجيش و قيادته عن شباب خائن و له اجندات ويعتدي علي افراد الجيش و هو يقوم بواجبه، لن ينتهي هذا الوضع ابدا، اذا لم تستوعب قيادات المجلس العسكري حقيقة الواقع الذي يجري فى الشارع وادراك كم الغضب الشعبي المكتوم من ناس ليس لديها اجندات.

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

واحد منيا قصة قصيرة

واحد منيا
واحد المنيا
المنيا يا باشا؟
منيا منيا
فى ضوضاء موقف سيارات الميكروباص القريب من ميدان المنيب بالجيزة، تختلط مئات الأصوات، كانها خلفية موسيقية من الأزيز المستمر، مع قليل من التركيز تستطيع ان تميز كل صوت علي حد، فصوت مواتير الميكروباص الديزيل الدائر له صوت تكتكة مستمرة مميزة، والعشرات من آلات التنبيه مرتفعة الصوت تكاد تخرق أذنيك، واصوات النداء المستمر من الحميلة الذين يقومون بالنداء بأعلي اصواتهم بأسماء مدن وجه قبلي المختلفة، سمالوط و ابوقرقاص و مغاغة ، ويختلط ذلك باصوات المئات من البشر الذين يملئون الموقف، يتحدثون، يصرخون، يضحكون وتكاد تسمع صوت حركتهم المستمرة الغير المنتظمة فى كل اتجاه، و تكتمل الخلفية بصوت الباعة الجائلين يملئون جنبات الموقف بصياح مستمر على بضائعهم المتنوعة.

لموقف الميكروباص رائحة مميزة، يمكنك ان تشعر بها من علي بعد عدة أمتار و انت تقترب من الموقف، رائحة عادم السيارات ممزوجة برائحة عرق بشر يتحركون، رائحة نافذة تصل الى انفك علي الفور، ولكنك سرعان ما تعتادها حين تصبح رائحتك جزء من هذ الخليط العجيب من الروائح.

الأضواء الخافتة التى تضئ الموقف تنبعث من اربع لمبات متفرقة علي أعمدة حديدية يدوية الصنع، اما اعمدة إضاءة الشارع فتقف ذليلة منطفئة، ما عدا عامود إضاءة واحد يقف جاهدا محاربا الإهمال، يرسل نبضات إضاءة متقطعة من لمبة تريد ان تحترق، و بالكاد تضيء هذه الانوار مدخل الموقف ومخرجه، ليغط باقي الموقف فى ظلام دامس تخترقه ظلال حركة سيارات الميكروباص وأضواء كشافتها من حين الى اخر.

وقفت اسماء بجانب كشك نجمة المنيب القريب من مدخل الموقف، تراقب الميكروباص المتجه الي المنيا باهتمام، وفي يدها زجاجة سفن اب خضراء لم تشرب منها شيء، انها تشعر بامان اكثر وهى بجانب الكشك المضيء بدعاية شركات الشيبسي والمشروبات الغازية، لقد أوشك الميكروباص على ان يكتمل العدد، فبامكانها ان تميز ان الكنبة الخلفية قد امتلئت بالفعل بثلاث أشخاص، رجل عجوز يلبس جلباب ازرق، اخرج ذراعه بالكامل من شباك الخلفي و بجانبه شاب لم تستطع ان تميز ملامحه من الظلام و امتلئ الكرسي الاخير بما يبدو انه طفلة صغيرة.

"انا باكره الكنبة اللي ورا فى اخر العربية، بتخبط جامد فى المطبات" فكرت اسماء في ذلك وهى تدقق النظر فى الكنبة الصغيرة التالية، انها مكانها المفضل و لكنها بالفعل ممتلئة بشابة فى متوسط العمر ترتدي بلوزة ملونة بألوان زاهية وبجانبها سيدة اكبر فى السن على مايبدو انها أمها، تحتضن شنطة بلاستيكية بحرص شديد.

ربنا يكون مع اللي هايركب فى الكرسي اللي جانبهم فهو من أسواء الكراسي التى في الميكروباص، فهو كرسي بيتفتح و بيتقفل و غير مريح علي الاطلاق و خصوصا فى سفرية طويلة زي دي. ابتسمت اسماء باهتة و قررت ان تنتظر ان يمتلئ هذا الكرسي ثم تتحرك الي الميكروباص علي امل ان تلحق بالكرسي الذي خلف السائق مباشرة.

و في حركة عفوية نظرت اسماء الي موبايلها، لتري ان هناك من يتصل بها، و علي ما يبدو انه في هذه ضوضاء لم تسمع رنة الموبايل و ردت اسماء علي الفور

" أيوة يا بابا، ازيك"

أيوة يا اسماء ركبتي و لا لسة؟
لسه يا بابا ان مستنية الميكروباص، وهايتحرك بعد شوية انشاء الله

طب يلا قوام ده الساعة داخلة عل تمانية و انتي لسه ما تحركتيش، كان ايه لازمته السفر المتأخر ده

ما انا قولتلك يا بابا، كان لازم أجيب المذكرات دى من عند لمياء صاحبتي علشان اذاكر فيها فى الإجازة دي ان شاء الله و أتاخرت فى السكة قوي

طب يلا اسماء انا و امك قلقانين عليكي قوي، و كلمينا اول ماتبقي فى اول الطريق

حاضر يا بابا، حاضر

و سمعت اسماء صوت أمها بجانب والدها و هى تصيح، هي لسه ماركبتش كل ده؟ معقولة التأخير ده كله؟

و قررت اسماء ان تسرع بانهاء المكالمة تفاديا لمزيد من الحوار

طب ان حاقفل باه يابابا، علشان رصيدك ما يخلصش، سلام، سلام

و اغلقت اسماء موبايلها ونظرت الي الميكروباص مجدد، وفوجئت بانه علي وشك الامتلاء، وان الكرسي التى كانت تامل ان تركب فيه قد امتلئ بالفعل برجل فى متوسط العمر يرتدي نظارة طبية، ويدخن بشراهة، والإسواء انه وضع علي الكرسي الذي بجانبه شنطة ضخمة، ملفوفة بحبال خضراء، ولم يتبق سوي الكرسي الذي بجانب باب الميكروباص،

ياه ده كرسي ضايع، انا حاخليه يشيل الشنطة وأقعد فى المكان ده باي شكل،

ووضعت اسماء زجاجة المياه الغازية في صندوق الفوارغ و تحركت بخطي سريعة الي الميكروباص، و مرت بأقدامها علي أرضية الموقف اللزجة من شحوم وزيوت السيارات، غير مكترسة بما سيتركه ذلك من اثار على ملابسها، يجب ان تركب هذا الميكروباص باي شكل.

حضرتك ممكن تنزل الشنطة دي لوسمحت او تحطها علي الشبكة؟

نظر اليها الرجل من خلف دخان سيجارته بلامبالة، وقال بلهجة صعيدية ثقيلة انا دافع فيها أجرة، مش عايزها علي الشبكة

ازاي ياعني؟ الشنطة تقعد و انا مااقعدش؟

ماهو الكرسي دهو فاضي اهو

نظرت اسماء بحسرة الي الكرسي الوحيد المتبقي، كرسي متعب جداً فى رحلة زي دي....

و كنت علي وشك الاعتراض مجددا حين تدخل المنادي بصوت جهوري، كتركبي و لا ايه يا أبلة؟ في ناس وقفة مستنية

و نظرت اسماء لتجد شاب يقف خلفها، ينتظر انتهاء هذا الحوار، ليعلم اذا كان له مكان في الميكروباص ام لا، و اتخذت اسماء قرارها بالركوب و أمرها الي الله

و اغلق المنادي باب الميكروباص بقوة، و هو ينادي يلا يا صلاح أتكل علي الله، كامل عدد يا أسطي...

وتحرك الميكروباص أخيرا فى طريقه الى المنيا، وتحسست اسماء حجابها وتأكدت من عدلته و تمتمت دعاء الركوب بصوت خافت، اهاي كلها ثلاث ساعات استحملها بالطول ولا بالعرض، ونظرت فى غيظ الى الشنطة البلاستيكية الممدة بجانبها و شعرت انها تكاد تخرج لها لسانها فى استهزاء.

و تحرك الميكروباص من زحام الموقف متجها الي طريق الصعيد الغربي ، ولم تمض دقائق و صاح السائق: الاجرة يا أساتذة

وبدء الجميع فى اخراج الاجرة، وصاح الرجل العجوز من الخلف بصوت أجش متكسر، معاك فكة خمسين جنيه يا اسطي؟

ونظر سائق الميكروباص الي الخلف في لمحة سريعة ثم توجه بحديثه الي اسماء

معلش ممكن تلمي انتي الاجرة يا ابلة؟

ولعنت اسماء في سرها وقالت هو انا اللي كمان حالم الاجرة؟ وايه حكاية ابلة ده يا أخوانا ده انه لسه طالبة جامعية

و لم ينتظر الركاب موافقة اسماء او رفضها، اذا قامت الفتاة الجالسة خلفها بمد يدها بمبلغ مائة جنيها وهى تقول اتنين من الماية لو سمحتي

الحمد الله على الاقل ماقلتليش يا ابلة هي كمان و مدت اسماء يدها وأخذت الفلوس وبدءت مناوشات جمع الاجرة من الركاب وحساب الباقي و هي عملية بسيطة لو كل واحد كان عامل حسابه وجايب فكة على اد الاجرة، المشكلة كله جاي يفك فى الميكروباص.

و تاملت اسماء تركيبة ركاب الميكروباص، سبحان الله الميكروباص ده فيه من كل الأعمار، الراجل العجوز اللي وراه يجي بتاع سبعين سنة، و الشاب اللي جانبه عنده يجي خمسة و عشرين و معه اخته ماتزيدش عن ستة سنين.

والبنت اللي ورأيا تجيلها فى الثلاثينات كدة و أمها ماشية فى الخمسينات ام الراجل ابوشنطة، انا بصراحة حاسميه ابو قفة لانه هو شبه القفة فعلا، و خنقنا بالسجائر بتاعته، يجي فى الأربعينات كدة.

ونظرت اسماء الي الامام لتستكمل بحثها الميداني عن إعمار راكبي الميكروباص، حينما سمعت صرخة الشاب الجالس بجانب السائق، صرخة عالية فزعة " حاسب يا اسطي ، حاسب يااسطي!"

وخطفت عين اسماء اضاءة قوية من الامام ثم ارتطام قوي دفعها الي الخلف بقوة شديدة، وسمعت صوت التواء الحديد وصرير فرامل ، ورائحة احتراق قوية ثم صرخات فزع اخري كثيرة، اصابتها بالرعب والخوف، وفؤجئت بسقف الميكروباص يلامس رأسها، وأرجلها لم تعد تلمس الارض، وحاولت اسماء ان تستوعب ماحدث فى هذه الثواني القليلة، لكنها شعرت بالم شديد فى ذراعيها ورأت الدماء تسيل من حولها.

لقد اصطدم الميكروباص بسيارة نقل بمقطورة، وجها لوجه، وفى محاولة يائسة من السائق لتفادي سيارة النقل قام بالأنحراف بقوة، لينقلب الميكروباص مرتان، متحولا الي كتلة من الحديد الممزوجة بالأعضاء البشرية، قبل ان يسكن عل جانب طريق القاهرة الصحرواي الغربي.

و توقفت السيارات، وتجمهر السائقين فى محاولة لإخراج الاحياء تعالت الصرخات " حد يكلم الإسعاف يا ناس" "ياساتر يارب يا ساتر"

حينما لم تتصل اسماء كما وعدته شعر ابو اسماء بالقلق الشديد وازداد قلقه حين حاول الاتصال بها ووجد المحمول مغلق و نظر فى ساعته ووجد انها تشير الي العاشرة مساء و نظر الي زوجته قائلا

انا مش حاقدر أستني اكتر من كدة ان قلبي متوغوش

و توجه ابو اسماء عالفور الى جاره ابومحمد الذي يمتلك سيارة أجرة

انا قلقان قوي اسماء مراجعتش لغاية دلوقتي، وطالعة من مصر من الساعة تمانية، انا عايز اطلع على الطريق أشوفها

ما تقلقش كدة يا ابو اسماء ربنا يجبيهلك بالسلامة، انا دقيقة و حالبس، استناني قدام العربية

ولم يتاخر ابو محمد بالفعل وانطلق الاثنان الي الطريق فى صمت، و لم يتوقف ابواسماء عن قرأة القران طوال الطريق، و حين شاهد موقع الحادثة وحطام الميركوباص و سيارة النقل علي جانب الكريق، لم يجد ما يقوله سوي لا حول و لاقوة الا بالله، لا حول ولا قوة الا بالله

و توجه ابو اسماء فى لهفة الى عسكري المرور الواقف بجانب حطام الميكروباص وسئل فى صوت مرتعش

هى الناس اللي كانوا جواه ودهوم علي فين؟

ونظر العسكري اليه فى تعاطف شديد، ودهوم علي مستشفي المنيب فى مصر يا حاج من يجي ساعة، مافيش حد طلع عايش، دي حدثة موت يا حاج

وخر ابو اسماء على قدميه، عاجزا عن الحركة و استند علي ذارع جاره الذي قال فى صوت قلق

وحد الله يا عبد الحميد، مين قالك بس ان اسماء كنت راكبة هنا

قلبي الل بيقولي، قلبي المقبوض هو اللى حاسس

طب يلا بينا علي المستشفي

و فى مدخل المستشفى توجه ابو اسماء الى قسم الطوارئ فى لهفة، و قابلهم الترمجي بهدوء،

انتوا جايين علشان الحادثة؟

أيوة يا بني وحياتك طمنا

تعال وراي يا حاج، و توجه التمرجي الى ممر خلفي و تبعه ابواسماء وجاره فى عجلة، وزادت رائحة المستشفى النافذة من المطهرات والبنج القوية، شعورهما بالانقباض الشديد و الغثيان

انت واخدنا عل فين يا بني

علي المشرحة يا حاج

وفتح التمرجي باب المشرحة، ليرى ابو اسماء مالايقل عن عشرة جثث مغطاة، موضوعة على الارض، و اقترب من الجثث و هو يقول انت بتدور علي مين حاج؟

و صرخ ابو اسماء في صوت متحشرج: بنتي بنتي اسماء عندها اربع و عشرين سنة اربع و لم يعد ابو اسماء قادر علي ان ينطق بمزيد من الكلمات

و اقترب التمرجي من الجثة الاولي وهو يقول دي لراجل كبير فى السن، واللي هناك دي بتاعة طفلة صغيرة، ودول بتوع شباب علي رجالة
واللي هناك دي بتاعة واحدة ست تعال قرب كدة يا حاج

واقترب ابو اسماء و ارجله تكاد تخونه فى كل خطوة يقترب بها من التمرجي، الذي أزاح الغطاء البلاستيكي عن وجه الجثة الراقدة بلا حياة، هى دي بنتك يا حاجة؟

ونظر ابو اسماء في فزع الي وجه الجثة، و صرخ لا دي مش بنتي، دي مش اسماء

وانفرجت اسارير التمرجي و هو يقول يبقى بنتك عايشة يا حاج، ان شاء الله بنتك عايشة، فى حالتين نقلهوم الفرنساوي عايشين، هم ماجابوش هنا غير الي ماتوا يا حاج، اصل الموت ما بيفرقش يا حاج، اصل الموت ما بيفرقش.




الأحد، 30 أكتوبر 2011

نص التحقيقات مع علاء عبد الفتاح فى النيابة العسكرية - قصة قصيرة

اقتربت الساعة من الواحدة و النصف، نظر علاء فى موبايله نظرة سريعة، ثم نظر الي محاميه و هو بجانبه وقال تصدق الدنيا مش زحمة قوي النهاردة.
و علي الرغم من ان مبني النيابة العسكرية فى مدينة نصر يقع فى منطقة مزدحمة الا ان اليوم بالفعل كانت حركة السيارات ضعيفة.
دنظر علاء الي مبني النيابة العسكرية بلونه الرمادي الكئيب وشبابيكه القليلة، و لم يشعر بالانقباض الذي شعر به عندما راي هذا الممبني لاول مرة،  حينما حضر الوقفات الاحتجاجية ضد محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية، وتعجب ككل مرة من ان المبني يعلوه علم القوات المسلحة و ليس علم مصر.

ابتسم علاء ابتسامته المعهودة و قال يلا بينا، متهيالي يدوب كدة 

و توجه علاء محاطا بمجموعة من اصدقائه الى مدخل المبني، وواجهم عسكري من الشرطة العسكرية بصرامة و صاح بصوت مرتفع

ممنوع الدخول لغير المتهم و محاميه، الباقي يفضل برة

و علت بعض الاصوات فى اعتراض، و نظر علاء الى اصدقائه و قال معلش يا جماعة استنوا انتوا هنا

بس يا علاء الاحسن نجي معاك 

ورد محامي علاء فى اقتضاب انا و علاء حنخش سوى و هاطمنكوا عالطول

صعد علاء السلالم القليلة الي الدور الاعلي،  و استقبله ظابط شرطة عسكرية سئله عن تحقيق شخصيته و اوراق المحامي، واطلع الظابط علي الاوراق بسرعة و اشار فى صمت الى باب خشبي ضخم، عليه لافتة النيابة العسكرية.
ولمح علاء  بهاء صابر الناشط السياسي الاخر المتهم مع علاء فى اثارة الشغب فى احداث ماسبيرو، الذي انتهى التحقيق معه منذ دقائق يخرج من الباب فى هدوء.

و لم يمهله الوقت لكي يتحدث مع بهاء و اشار اليه بيده و ابتسم ابتسامة خفيفة و اشار اليه بهاء بيديه علامة النصر و راه يخرج مسرعا من غرفة التحقيق الى السلالم.

امسك علاء بموبايله و نظر علي التايم لاين فى التويتر فى لمحة و كتب 
سريعا Going in

و نادي العسكري  الواقف على الباب فى صوت مرتفع على الرغم من انه لا يوجد احد سوى علاء ومحاميه فى قاعة الانتظار، و تردد الصوت فى رنين الغرفة المصمت " المتهم علاء سيف عبد الفتاح"

و لا يمكن لا حد ان يتخيل كم المشاعر المتضاربة التى تدور بداخل علاء فى هذه اللحظة، انا متهم، عالعموم لم يبقى شئ يبكي عليه، لقد مات جزء من علاء فى احداث ماسبيرو، جزء من وجدانه و مشاعره مات، مات فى دموع اهل مينا دانيال، مات و هو يرى وجه مينا  و هو مهشم و لم يعد له معالم، مات جزء منه فى صراخه الصامت على حقوق الشهداء و هى تضيع فى ظلام المشرحة، ان دخوله الي هذه الغرفة كانه يذهب الي قاتل اخوه بقدميه.

توجه علاء بثقة ودخل الي غرفة التحقيق، و علي مكتب خشبي ضخم  ممتلئ بالاوراق، و به منفضة سجائر ممتلئة، و كوب شاي فارغ على طرف المكتب، جلس النائب العسكري وهو ينظر اليه من خلف المكتب بازدارء.

ونظر علاء الى اعلي النائب العسكري و قد ان يقسم انه يرى اثار اطار صورة المخلوع التقليدية التى ظلت تعلق فى مكاتب الدولة فى الثلاثين سنة الماضية، تبدو الاثار باهتة، وكاد ان يقسم ايضا انه فى لحظات شعر ان الصورة مازالت موجودة و ليس اثارها فقط و ان المخلوع نظر اليه و غمز له بسخرية.

و اشار النائب العسكري الي علاء و محاميه لكي يجلسوا علي الكراسي امامه، و لكن علاء رفض بهدوء و نظر اليه محاميه نظرة تاكيد ووقف بجانبه.

و اشار النائب العسكري الي شخص بملابس عسكرية يجلس على مكتب صغير ملاصق لمكتبه و قال افتح التحقيق يا محمود

و توجه على الفور بسؤاله الى علاء

اسمك بالكامل؟

و نظر اليه علاء بثبات  وقال انا اللي بسالك انت اللي مين؟ و اسمك ايه؟ و من اللي اديك الحق و السلطة لتستدعني الي التحقيق؟

ذهل النائب العسكري مما يسمعه واشار الي الكاتب لكي يتوقف عن الكتابة

و صاح بصوت مرتفع لكي يداري به ذهوله 
انت عارف انت فين! انت فاهم ايه اللي انت بتقوله ده؟

ورد علاء :
طبعا انا عارف انا فين، و علشان كدة و انا مواطن مصري مدني بسالك باي صفة وباي سند تستدعينى النيابة العسكرية المسؤلة عن العسكريين لاستجوابي. انا ارفض استدعاء و محاكمة المدنيين امام المحاكم و النيابات العسكرية تحت اي صورة من الصور.

ورد النائب فى تهكم: انت ترفض زي ما انتى عايز و حتجاوب علي اسئلتي لانك متهم باثارة الفتنة و التحريض على احداث ماسبيرو

ونظر اليه علاء و علت وجه ابتسامة ساخرة وكد ان ينطق بكلمة لكنه امسكها فى اللحظة الاخيرة، وقال اخيرا

انا علاء سيف عبد الفتاح و ارفض الخضوع للتحقيق امام جهات عسكرية تحت اي مسمى

واستشاط النائب غيظا ونظر بحيرة الى علاء و محاميه وقرر ان يجرب اسلوب اخر

و امسك بعلبة سجائرة و قدم سيجارة الى المحامي الذى رفضها فى هدوء ثم الى علاء الذى اشار ايضا بالرفض

ووضع النائب السيجارة فى فمه وهو يقول معلش اسمحولي انا بقى ادخن،  مع انه ممنوع بس نعمل ايه باه و ضحك ضحكة باهتة و توجه بكلامه الى محامي علاء

ياعني يريضيك كده يا استاذ اللى موكلك بيعمله؟ ياعني ايه يرفض التحقيق مع النيابة العسكرية، يا عني هو احسن من اللي اتحقق معهم قبل كدة...
وارتفعت نبرة صوته و هو يقول انت مش حاسين بالي يحصل فى البلد!

ورد محامي علاء ان مع حق موكلي الكامل فى ان يتم التحقيق معه اماموالنيابة المدنية و قاضيه الطبيعى و طبقا للمدة ٢٥ من قانون...

وقاطعه النائب عالفور
بس بس انت حتسمعلنا القوانين هنا ولاايه؟ احنا هنا عارفين الكلام ده كويس...

عالعموم انت بتضعف موقفك فى القضية باللي انت بتعمله ده

ورد علاء فى غضب قضية مين ضد مين؟ ازاي يبقى الجيش المتهم و المحقق فى نفس الوقت؟ ازاي حق دم الشهداء حايجي علي ايد اللي قاتلوهم.

ورد النائب فى انفعال انا حاسجل اللي انت بتقوله ده عليك و ووقف النائب فى غضب وامسك بهاتفه المحمول و خرج من الغرفة مسرعا

ومرت دقيقة و كاد علاء ان يخرج من الغرفة ولكن محاميه منعه و قاله نستني احسن، الكورة كدة فى ملعبهم 

وعاد النائب و في عينيه نظرة الانتصار، وعلي وجه ابتسامة صفراء، وتوجه الى مكتبه و قال اكتب يا محمود:
ونظرا لرفض المدعو علاء سيف عبد الفتاح، الامتثال للنائب العسكري فى سير عملية التحقيق، فقد تقرر،، قررت انا النائب العسكري حبسه ١٥ يوما على ذمة التحقيق بتهمة اثارة الشغب و التحريض علي احداث ماسبيرو

و صرخ محامي علاء ده غير قانوني وباطل شكلا و موضوعا

و دخل ثلاثة افراد من الشرطة العسكرية بقوة الى داخل الغرفة، واحاطوا بعلاء و تم وضع كلابش حديدي علي يديه

ونظر اليه النائب العسكري وقال حانشوف بعد ١٥ يوم لسه مش حتبقى عايز تتكلم و لا لأ 

خدوه...

واخذ النائب نفسا عميقا من السيجارة، ونظر الي الكاتب و هو يقول انتهي التحقيق فى تاريخه وزمانه

الأربعاء، 6 أبريل 2011

فى وقت غير معلوم


في وقت غير معلوم 25 يناير 2011
كانت اللمبة الحمراء الخافتة في طرف جهاز البلاكبيرى، تضيء وتطفئ كنبض خافت يكاد أن يختفي، تعطى إشارة أن بطاريته قد أوشكت على الانتهاء، تمر أقدام كثيرة مسرعة و مرتبكة  بجانب الجهاز الملقى على إسفلت الشارع تكاد أن تدهسه،  شاشة الجهاز مازالت مضيئة، على ما يبدو أن صاحب هذا الجهاز كان يجرى مكالمة لم يكملها، وبحروف مضيئة أنارت اسم المتصل "7habitay Mama" وعلى الرغم من الضجيج الهائل فانك تستطيع ان تسمع بوضوح صوت مرتجف على الطرف الأخر وهو يصرخ في الم "الو "الو" "الـــــــــــــــــو". وفى لحظة خاطفة هوت قدم بحذاء اسود ضخم محطمة جهاز البلاكبيرى متناثرا إلى قطعا بلاستيكية صماء.

 -1-
القاهرة - ديسمبر 2010
أمسكت ندى بجهاز البلاكبيرى الخاص بها، لقد أصبح هذا الجهاز جزء منها، لا تفارقه ولا يفارقها، انه نوع من أنواع التوحد البيولوجي الإليكتروني الذي يصعب وصفه، ضحكت ندى و هى تفتكر مامتها و هي بتقولها " سيبى الجهاز الزفت اللي أنت ماسكه ليل نهار ده، حايجبليك حاجة في دماغك".
هو فعلا حايجبلى حاجة فى دماغى، بس حاجة حلوة مش وحشة، حاجة اسمها أنى ابقي عارفة كل حاجة بتحصل، ساعة ما بتحصل، شايفة الدنيا ثانية بثانية، وهى دى تبقى حاجة وحشة ازاى بس!
ندى جابيت للبلاكبيرى غطاء بلاستيك لونه لبنى صارخ، ده اكتر لون ندى بتحبه، دايما بتقول لصحابها " اللبنى ده لون مجنون" كانوا بيقوللها "أول مرة نسمع انه اللبنى لون مجنون، احمر ماشى يجى مجنون لكن لبنى؟" و ترد ندى " انا كدة شايفه لون مجنون"
ويتميز جهاز البلاكبيرى بانه على اتصال دائم بشبكة الانترنت، التي أصبحت جزء لا يتجزأ من حياة ندى، فعلى الرغم من أنها لم تتعدى الثانية والعشرون من العمر، فانها لا تتذكر حياتها بدون هذه الشبكة العجيبة، لان بها إجابة لكل شيء يخطر في بالها، شعور غريب ان تشعر بأنك يمكنك ان تعرف كل شىء عن اى شىء فى اى لحظة. شعور بالقوة الغير محسوسة، شعور بقوة المعلومات المتدفقة اللامحدودة يعطيك إحساس تلقائي بالانتشاء، لكن الوصول إلى المعلومة كان جزء بسيط من قصة الانترنت فى حياة ندى. ففضاء الإنترنت أتغير في الشهور اللي فاتت، مع انتشار شبكات التواصل الإجتماعى في مصر بشكل غير مسبوق وخاصة موقع الفيسبوك اللي أصبح قبلة التواصل مع مئات من الشباب اللي في نفس سن ندى في كل حتة في العالم وطبعا في مصر بشكل اساسى.
ندى فاكره كويس أول يوم عاملت فيه "اكونت*" على الفيسبوك منذ اكثر من سنة تقريبا و كانت فى اجازة الصيف، الموضوع كان ابتدئ هزار لما صحبتها مريم قالت لها "انتى لسه ماعاملتيش اكونت على الفيس بوك؟ ايه ده معقولة؟ فيه حد لسه مش عامل "اكونت" ده كل صحبنا عليه يابنتى" و امسكت مريم بشاشة النوتبوك لتريها صور اصدقائها و قالت بصوت عالى "بصى محمد وكريم و صاحبهم رامى  كل شلة الجامعة عاملوا اكونتت"
وسارعت ندى لإنشاء حساب جديد فورا على الفيس بوك علشان تشوف ايه الحكاية، ومن ساعتها و الدنيا اتغيرت فعلا، واصبح متابعة اخبار اصدقائها من على ال  "wall" وهو المنطقة المخصصة لإرسال الأخبار والصور فى موقع الفيسبوك هو موقعها الدائم على الإنترنت. فى البيت، فى الجامعة، فى الكافيه فى كل حته ممكن تخطف فيها دقيقة علشان تتابع فيها ايه الجديد فى الفيسبوك.
والجديد النهارده واللي بقاله اكتر من شهر مولع الدنيا في الفيسبوك هو موضوع "خالد سعيد" وهو الشاب الإسكندرانى الذي لقي حتفه جراء ضرب موحش من رجال الشرطة. و قامت مجموع من الناشطين بعمل "جروب*" على الفيسبوك يتمكن من خلاله المهتمين بهذا الموضوع متابعة أخباره و التعليق عليها.
" اللى حصل لخالد سعيد ممكن يحصل لالى واحد فينا" علق احد الشباب على صورة صعبة جدا لخالد سعيد، ظهر فيها وجه مشوها بالكامل من جزء الضرب العنيف.
وفزعت ندى من منظر هذه الصورة المخيف و  كتب تعليق عليها على الفيسبوك
"مش ممكن اللي يعمل كده يكونوا بنى ادمين أبدا"
"انتى بتقولى ايه ياندى؟" لم تاخذ ندى بالها انها كنت تردد هذه الكلمات و هى تكتبها على الجهاز، و نظرت الى مروة اعز صديقاتها، لقد انشغلت ندى تماما بما تراه على الفيسبوك عن العالم حولها. فهاهى تجلس فى كافيها المفضل "سيلنترو" فى جامعة الدول العربية ولم تشعر بزحامه وضجيجه المعتاد.
"بصى شوفى الصورة دى"
و اعطت ندى الجهاز الى مروة، التى كدت ان تلقى به من الفزع. "يا ساتر! ايه ده" اهى اللى انتى ببتفرجى عليه ديه؟"
"ده خالد سعيد يا بنتى"
"خالد سعيد مين وهو شكله كدة ليه!"
قامت ندى بشرح قصة خالد سعيد الى مروة التى استمعت مفزوعة من توحش الشرطة وجبروتها الشديد فى معاملة الإبرياء.
و علقت مروة "بس الخبر ده انا مشفتوش فى اى حته خالص"
" هو احسن حتى تتابعى اخباره من الفيسبوك. سيبك من التليفزيون و الجرايد. دى مش حتنقلك اي حاجة صح اصلا"
"هو اسم الجروب ايه يا ندى؟"
"الجروب اسمه كلنا خالد سعيد"
"دى حاجة مخيفة بجد، انا هاتابع الجروب ده فورا"
"جروب ايه اللى حاتبعيه؟" علقت مريم صديقتهم الثالثة وهى تغلق هاتفها المحمول منهية مكالمة طويلة استمرت لأكثر من نص ساعة.
ندى: "خليك و حياتك فى اللى انتى فيه يا مريم! اخبار حبيب القلب ايه؟"
مريم: "لأ بجد جروب ايه؟"
ردت ندى و مروة فى نفس التوقيت "جروب كلنا خالد سعيد!"
مريم:" اه الجروب ده! ما انا شفته على الفيسبوك، ده جروب كله مشاكل وصورة وحشة و كلام كبير، احنا مالنا و مال الكلام ده! انا اصلا بطلت اتابعه"
ندى: " مش قلتلك خليك فى حالك"
انفعلت مروة " ازاى يا مريم تفكرى كدة؟ ايه السلبية دى؟ ده كان ممكن يكون اخوكى و لا قريبك"
نظرت مريم  بلا مبالاة الى اعز صديقاتها ندى ومروة و قالت
"مين عايز دور كابتشينو؟"
مروة: "انا هاقوم هاضرب البت دى!"
ندى: "سيبك منها هى طول عمرها كدة، هو انتى لسه هاتعرفيها النهاردة"
مريم: " على فاكرة انتوا اللى فاهمين الفيسبوك غلط" و امسكت مريم بجهاز النوتبووك الخاص بها ووجهت الشاشة الى ندي و مروة " بصوا شايفين الصورة دى؟ عارفين دى مين؟ دى أميرة عزيز؟ فاكرينها؟ بصوا لبسه ايه؟ بكينى! و تقريبا الصورة ده بره مصر. بصى الفاجرة وعمالة الصورة دى صورة " البروفايل" !"
مروة: لأ مش معقول دى بجد أميرة عزيز اللى كانت معانا فى سنة تانية؟ هى راحت فين دلوقتى؟
مريم: استنى لما ابعتلها "فريند ريقوسيت" شوف كدة حترد و لاايه.
و تركت ندى صديقاتها فى عالمهم الخاص لتعود هى الى عالمها الجديد، لتجد ان التعليقات على الصورة قد وصلت الى اكثر من 800 تعليق فى اقل من دقائق، شعرت ندى بالحماس الشديد فلديها الكثير مما تقرأه و الأهم ما يمكن ان تتواصل به ايضا.

-2-
توضأ احمد بماء بارد فى ساعات الفجر الأولى، انه يجد فى ملامسة الماء البارد لوجه متعة غريبة  تشعره بنوع من انواع التطهر الروحى والجسدى و تسرى فى جسده قشعريرة تعود ان يبدء بها يومه.
ونظر احمد الى وجه فى المرأة على الضوء خافت فى حمام الشقة المتهالك و امسك بشعر ذقنه الكثيف، المرأة صدأة و مكسورة الأطراف، تظهر من خلفه عدة شقوق فى الحائط و تمتم احمد بصوت منخفض "الحمام ده بحاجة الى توضيب ضرورى"
" ياعم دى شقة ايجار، حمام ايه اللى هتوضبه؟"
و التفت احمد فى تعجب من مصدر الصوت، ليجد أشرف صديقه و احد زملائه فى الشقة يقف خلفه على باب الحمام.
أحمد: " هو مافيش احترام خصوصية ابدا فى الشقة دى؟"
اشرف: " خصوصية ايه ياعم حمادة.. ده احنا خمسة فى شقة 90 متر، ياعنى الواحد كده ليه بتاع متر ولا اثنين،  خلص يا احمد قوام لحسن انا مش قادر خالص"
احمد:" انا خلصت وضوء اهو و هاسيبالك الحمام ياعم"
و تناول احمد الفوطة الخاصة به والصابونة ووضعهم فى كيس بلاستيك متهالك تظهر عليه بقايا الوان باهتة، من العادات التى تكتسبها من العيش مع عدد كبير من الأفراد فى شقة واحدة ان تحتفظ بأشياء خاصة لإستخدامك الشخصى، لأنك لو تركت اى حاجة فى الشقة سايبة فعليه العوض فيها، سيستخدمها الجميع ثم تختفى الى المجهول.
خرج احمد الى صالة الشقة و نظر الى طرابيزة خشبية فى منتصف الصالة محاطة بكرسين متهالكين عليها بواقى طعام عشاء امس، مجرد اوراق بيضاء فارغة غلفت سندويتشات فول وطعمية  واكياس مخلل  لم يتبقى بها شيء.
تخطى احمد بهدوء باقى زملائه النائمون على الأرض، ايمن وعادل و معاهم اشرف هم اللى اختاروا يناموا فى الصالة كدة، كل واحد على فرشته. اما هو واحمد القاضى الملقب ب "الحكم" بيناموا فى الغرفة الوحيدة فى الشقة، هى مش فارقة كتير هموا برضه بيناموا على الأرض بس على الأقل فيها بعض الخصوصية، وفيها دولاب ممكن الواحد يحتفظ فيه بعض المتعلقات الشخصية.
حقيقى مكانش فارق معاه موضوع الأوضة ده بس هم اللى اصروا، على اساس ان هو اللى جاب الشقة ليهم كلهم، على الرغم من تواضعها الشديد ووجودها فى منطقة اقل ما توصف به انه عشوائية، هى فى الحقيقة منطقة مخالفة وغير قانونية باى مقايس، بالقرب من منطقة "المرج الجديد"، مخالفة لان كل العماير مبنية بدون تراخيص، عماير داخلها كهربا و ماية بس مخالفة تماما، تستطيع ان تشعر بمعنى كلمة عشوائية فى شكل العمارات بطوبها الأحمر وفى ارتفاعاتها الشاهقة على الرغم من انها مطلة على حارات لا يزيد عرضها عن اربعة امتار، فلا يدخلها هوا ولا شمس، يمكن ان تشعر بعشوائيتها فى كل مايحيط بك من لا تنسيق وتخبط، كأن اللى كان بيبنها كان بيبنى فى الضلمة و مش شايف بيبنى ايه.
على الرغم من ذلك فهى شقة رائعة بكل المقايس نظرا لظروف كل المقيمين بها، فهى تقع بالقرب من "خط مترو المرج" و فى الدور الرابع و على الرغم من انه ما فيش اسانسير، فهى كدة احسن من ان تكون فى التامن او السطوح و اهم حاجة ان ايجارها 350 جنيه و ده رقم معقول جدا على اساس ان الشقق اللى زيها النهارده ما بتقلش عن 500 جنيه.
دخل احمد الى الغرفة سريعا لقد اوشك المؤذن ان يقيم صلاة الفجر، وفتح احمد الدولاب مصدرا صريرا مزعجا، و اخرج قميص ازرق و بلوفر بنى اللون، انه يعتنى بملابسه المحدودة اقصى اعتناء منذ ايام الجامعة، فعلى الرغم انه تخرج من جامعة شبين الكوم كلية الإداب قسم تاريخ منذ سنة تقريبا، فإن معظم ملابسه الحالية هى ملابسه من ايام الجامعة وذلك نظرا لظروفه الإقتصادية الصعبة، فاحمد وهدان الجبالى، والده كان موظف فى وزارة الري فى محافظة الغربية من قرية بركة السبع، صرف كتير على تعليمه هو واخوه الأكبر محمد وتوفاه الله منذ 3 سنوات، تاركا لهما بيت ريفى صغير وتعلميهم وبس، وللاسف تعلميهم هم الأثنين ماتحاولتش الى دخل مادى يكفى اى حاجة منطقية من المصروفات المتعددة اللى فى حياتهم. و ترك لهم ابوهم عبأ الإعتناء باختهم "ملك" ووالدتهم واتفق الإثنين على وضع "ملك" اختهم الصغيرة كهدف اول، فى انها تخلص تعليمها وتتجوز قبل ما اي حد يفكر فى حاجة لنفسه.
محمد اخوه ربنا وفقه فى شغلانة فى نادى بتروسبورت، مشرف امانات على ملاعب كرة اليد، هى طبعا ملهاش اى علاقة بدراسته، فهو خريج تجارة شعبة محاسبة، برضه من جامعة شبين الكوم زى احمد. بس "مصر مفهاش اكتر من المحاسبين" زى ماقاله حد مرة و هو بيعمل "انترفيو" لشغلانة محاسب. عالعموم هى شغلانة مرتبها معقول، بس مواعيدها صعبة شوية و فيها سفر ساعات مع فرق كرة اليد من اعمار مختلفة، سفريات جوة مصر مرة اسكنرية مرة اسيوط  اهى مسلية و بيعتبرها تغيير جو.
اما احمد فهو الى الان لم يوفق فى شغلانة معقولة يثبت فيها و تنقل بين كذا شغلانة اخرها الان بياع فى محلات "التوحيد والنور*"  فى فرع شبرا الخيمة، مشرفا على قسم الملابس الداخلية الرجالى ولأطفال.  يمض على وجوده فى شغله الجديد اكتر من اربعة شهور والشغلانة مضنية فهو يعمل من ال10 صباحا الى 11 مساء تقريبا كل يوم حتى يوم الجمعة تضطره الظروف ان يذهب احيانا الى الشغل، و مرتبها محدود  حوالى650 جنيه ومع بعض الحوافز و المكافأت ممكن توصل ل 750 جنيه وده مبلغ مش بطال، بس لاسف المصاريف الكتير هنا وهنا بتخلى المبلغ يختفى على يوم 10 فى الشهر بالكتير و باقى الشهر بينقضى بمعجزة هو ذات نفسه مايعرفش سرها بس اهو بينقضى.
تحسس احمد جيب البنطلون ليتاكد من ان الفلوس الباقية لازالت موجودة، باقى حوالى 65 جنيه، حلوين قوى اهم حاجة ان فلوس "السايبر*" او الإنترنت كافيه موجودة يبقى كله تمام.
ارتد احمد ملابسه سريعا، و خرج الى الصالة المعبئة برائحة عرق كامن و رائحة اجساد لم تستحم منذ فترة طويلة، امتزجت مع رائحة بواقى الطعام لتجعل للشقة رائحة مميزة، يصعب إزالتها  وذلك مع قلة تنظيف الشقة الإ فيما ندر، لذلك سعد احمد بفتح باب الشقة ليخرج سريعا محاولا استنشاق نسائم الفجر.

-3-
 "العيال ولاد الكلاب دول لازم يتلموا"
"يا باشا دول شوية عيال، زى ما انت بتقول، متحرقش دمك"
"انت مش شايف الكلام اللى هم كتابينه على الزفت بتاعهم ده" بص و ازاح الرجل شاشة الكمبيوتر، ليرى الجالس امامه صفحة الفيس بوك المفتوحة
و ابتسم ضابط امن الدولة، و هو يرى صورة البروفايل المفتوح و قال ضاحكا " ايه ده ياباشا.. شكلك اتغيرك اوى، و ايه الصورة الجميلة دى ، و الاسم ايه مش واخد بالى؟"
ضاحكا باقتضاب " عامل البروفايل اسمه "نادية وهبى" اهو بنلعب معاهم شوية، بص شوف التعليقات دى و قلى رايك"

نظر ظابط امن الدولة الى التعليقات على صفحة "كلنا خالد سعيد" و قرأ  التعليق بصوت مرتفع:
" العدل المفقود فى الشارع و الشرطة و امن الدولة التى انحازت للفساد و البلطجة يجب القضاء عليهم"
" بص بيقولك ايه؟ القضاء عليهم؟ دول بيهددونا باه عينى عينك"
"و العيال دى يعنى  هاتروح فين اكتر من الفيسبوك يا باشا، سيبهم يتسلوا، زى ما الريس قال كدة بالضبط"
"لأ لأ الريس كان بيتكلم عن المعارضة و البرلمان الموازى ودى عالم احنا عارفين اولها من اخرها, العيال دى حاجة تانية خالص"
"عالعموم الحقيقة انا كنت جايلك علشان الموضوع ده، انت عارف الموضوع ده ابتدى يكبر شوية بعد اللى حصل فى تونس* و انا محتاج التقرير النهائى من الإدارة عندك"
" ليه؟ هو اللى اتغير؟"
تنحنح ظابط امن الدولة قليلا  ثم قال:" اللى اتغير انه الموضوع ده مش حتمسكه إدارة الإتصالات لوحدها"
" ياعنى ايه! ده المو ضوع ده احنا مساكينه كله من الأول، و ماشى مظبوط"
"و الله الباشا الكبير شايف غير كدة، وواضح انه جايله تعليمات من فوق قوى"
رد الرجل بانفعال شديد "فوق و لا تحت الموضوع ده انا شغال عليه بقالى اكتر من سنة، قصدى ياعنى الإدارة عندى شغاله عليه وبعدين حد يجى يخده على الجاهز، ده ينفع الكلام ده"
" هو تقريبا فى لجنة عليا حتتولى الملف كله على بعض، و انت يا باشا شغلك ماشى زى ما هو"
رد الرجل بإقتضاب " ماشى انا حاجهز التقرير الجديد، بس العيال دى بتاعتى و انا فاههمها كويس و خطتى جاهزة و شغال فيها"
ضحك ضابط امن الدولة "يا باشا انا متاكد ان خطتك دى هتظبط العيال دى و الموضوع ده مجرد تنسيق مش اكتر، علشان الدنيا شكلها سخن شوية. استأذن انا يا باشا"
رد الرجل و هو ينظر الى شاشة الكمبيوتر "طب القهوة طيب"
"مرة تانية يا باشا، مرة تانية انا متاكد احنا حنتقابل كتير الأيام الجاية"
وتوجه ظابط أمن الدولة الى باب الغرفة المصمت وفتحه و خرج فى هدوء.

-4-
فى غرفة مكتب فاخرة تقع فى دور مرتفع من أبراج النايل سيتى، تطل على منظر خلاب لنهر النيل،  صوت المكيفات الهادئ يرسل هسيسا خفيفا فى انحاء المكتب، الزجاج العازل للصوت يعمل بكفأة، فتنظر الى حركة مرور القاهرة الكثيفة والمزدحمة في الأسفل ولا تسمع لها صوت، و كأنها فى عالم أخر لا علاقة له بضوضاء القاهرة اليومية.
 نظر البير الى شاشة ال سى دى المعلقة امام مكتبه متابعا الأخبار القادمة من تونس، ان ما يحدث فى تونس من ثورة شعبية امر جديد فى الشرق الأوسط، شاشة الجزيرة تنقل صورة الاف من الشعب التونسي فى الشوارع يصرخون فى نفس واحد و بشكل متكرر "الشعب يريد اسقاط النظام".
رن جرس الهاتف على مكتبه، و التقط البير السماعة لسيتمع الى صوت سكرتيرته و هى تقول " فواز من تونس على الخط"



السبت، 2 أبريل 2011

عمرو قطامش - من مسابقة Arabs Got Talent

قالوا عنى شابا سيس
لا أعرف غير التهييس
وثقافة عمرى تتلخص فى شات الياهو والفيس
بنطالي يسقط عن وسطي شبرين كشابا خنفيس
واقول الهاي و اتبعها بالسانكس او مان او بيس
واتفتف فى شعري جل او بالتوكة و الدبابيس
اتقبل منك السب واقبل قولك انى سيس
فبصرخة شاب سيس سقط نظام و رئيس

ومحطة إعلام الكاكى كان رخصتهم ملاكي
قبل الثورة اختارناه و باياعناه بعد الثورة  غنوا لولاكي
يوما قلبت التلفاز لمحطة إعلام الكاكي
لأتابع اخبار الثورة بعد ان افتعلت ارباكي
قالت مذيعة بلهجة سريعة
معنا مسؤل و كبير ليناقش امر التحرير
أوجدنا حلا لنقلل عدد المحتشدين على الميدان
قطع الماء ,قطع النور و قطع الفول مع إلغاء النت وشبكات المحمول
ولنقضى على المليونية أوجدنا حلا و بسرعة
وبدون نقاش و جدال قد الغينا يوم الجمعة
كى نهدء برهة وننام خلي الأسبوع ست ايام
ولأثبت للعالم أنى أهتم بدينى للأبدي فصلاة الجمعة ياولدي
كمؤازارة سنصليها مع اخوتنا يوم الأحد
مرسى مرسي يافندم معنا شاب شرير من ميدان التحرير
يا ناس أنام على الأرض و الجسم  من البرد يكاكي
والمعدة صارت خاوية كالصحراء بلا اشاوكي
لاتشكو من هضم حتى من إسهال او امساكى
و الإعلام يقول بأنا نلهط وجبات الكنتاكي
 
يامصر انا لم يؤخذنى للثورة حبا الإ لكي
يامصر انا لم يؤخذنى للثورة حبا الإ لكي

عذرا انقطع الإرسال اهم مهم مهم
جأتننا انباء مهمة  حذروا فزورو
أه صح نجحت الثورة نجحت ثورتنا ياعالم
أه اوه نجحت ثورتنا
ماذا ستقول يا فندم
مبروك للشعب ولينا
فاليوم فهمنا الحرية
مبروك لشباب ناضل من اجل الديموقراطية
كنا دوما معاهم فيها والله الأدرا بالنية

عذرا لحظات ونواصل بعد فواصل إعلانية

لوشاكك اوعندك خوف
أو قلقان من ضربة مولوتوف
لوخايف من غزة مطواة
هاتجيليك منهم على سهواة
لو عايز تتحلى بصحة
لاتخاف على صوتك من بحة
ولا تهرب من اى مناورة
خدلك بأه عصير الثورة
عصير الثورة الشعب يريد طعن البرتقان

يا معشر تجار الثورة لم يبقي مكانا لغبي
احترموا ثورتنا كانت كانها تشبه معجزة لنبي
احترموا الثورة و احترموا شهداء الوطن العربي

الثلاثاء، 22 مارس 2011



مدة الفيديو: 8:53 دقيقة
اسم الفيديو:غزوة الصناديق فى الإستفتاء الشيخ محمد حسين يعقوب

محتوى الفيديو كتابة:


أحبتى فى الله، بلغتنى أخبار سارة، بنعم ألله أكبر
كانت هذه غزوة، اسمها غزوة الصناديق، كان أهل السلف يقولون بيننا و بينكم الجنائز، الجنائز يعنى يوم ما اموت شوف انا كام بمشى فى جنازتى و انت لما تموت شوف كم يمش فى جنازتك.
بيننا و بينكم ايه؟ الجنائز، يوم الجنائ النهاردة فى زمننا بيقولولنا بينا و بينكم ايه؟ الصناديق
 بينا و بينكم  الصناديق. و قد جعلنا بيننا و بينهم الصناديق و قالت الصناديق للدين نعم، نعم
فلنكبر تكبيرة العيد الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله
الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله ولله الحمد
الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله
الله اكبر الله اكبرلا اله الا الله
شكر الله لأخوتى أهل امبابة كانوا من احسن الناس إستجابة جزاكم الله كل خير بحبكم فى الله
انت أهلى و رجالي جذاكم الله خييرا
انا كنت متابع كله بفضل الله عز وجل و لكن أنصفنا الله و الحمد الله
لأنهم كانوا بيقولوا ايه ، مخوفينا، كل برامجهم التليفزيونية و كل جرائدهم، كان مولود يا جماعة، الحمد الله رب العالمين بس هم دلوقتى طالعين فى نغمة ايه، خالص الدين حايدخل فى كل حاجة، و احنا بنقولهم ايه؟ نعم حايدخل فى كل حاجة. مش انتم قلتم الصناديق تقول.
خالص الشعب قال، مش دى الديموقراطية بتاعتكم، الشعب بيقول عايز ايه.
الشعب بيقول نعم للدين صح؟ الجمهور: نعم
خلاص هى نعم لاثنين، احنا عايزين دى، و اللى يقول بلد خالص مانعرفش نعيش فيها انت حر، الف سلامة، ياعنى عندهم تأشيرات كندا و امريكا و اللى هم حرين، لكن البلد، الشعب انتم ديموقراطيتكم يتقول الشعب بيقول ايه عايز ايه. خالص الشعب عايز الدين، اديلوه دين. واحنا بتوع الدين، انا باحبكم فى الله
3:33 نجى للموضوعنا باه وقلنا اننا سنبدء كل درس باسهل طريق الى الجنة، اسهل وسيلة للوصول الى الجنة