الأربعاء، 6 أبريل 2011

فى وقت غير معلوم


في وقت غير معلوم 25 يناير 2011
كانت اللمبة الحمراء الخافتة في طرف جهاز البلاكبيرى، تضيء وتطفئ كنبض خافت يكاد أن يختفي، تعطى إشارة أن بطاريته قد أوشكت على الانتهاء، تمر أقدام كثيرة مسرعة و مرتبكة  بجانب الجهاز الملقى على إسفلت الشارع تكاد أن تدهسه،  شاشة الجهاز مازالت مضيئة، على ما يبدو أن صاحب هذا الجهاز كان يجرى مكالمة لم يكملها، وبحروف مضيئة أنارت اسم المتصل "7habitay Mama" وعلى الرغم من الضجيج الهائل فانك تستطيع ان تسمع بوضوح صوت مرتجف على الطرف الأخر وهو يصرخ في الم "الو "الو" "الـــــــــــــــــو". وفى لحظة خاطفة هوت قدم بحذاء اسود ضخم محطمة جهاز البلاكبيرى متناثرا إلى قطعا بلاستيكية صماء.

 -1-
القاهرة - ديسمبر 2010
أمسكت ندى بجهاز البلاكبيرى الخاص بها، لقد أصبح هذا الجهاز جزء منها، لا تفارقه ولا يفارقها، انه نوع من أنواع التوحد البيولوجي الإليكتروني الذي يصعب وصفه، ضحكت ندى و هى تفتكر مامتها و هي بتقولها " سيبى الجهاز الزفت اللي أنت ماسكه ليل نهار ده، حايجبليك حاجة في دماغك".
هو فعلا حايجبلى حاجة فى دماغى، بس حاجة حلوة مش وحشة، حاجة اسمها أنى ابقي عارفة كل حاجة بتحصل، ساعة ما بتحصل، شايفة الدنيا ثانية بثانية، وهى دى تبقى حاجة وحشة ازاى بس!
ندى جابيت للبلاكبيرى غطاء بلاستيك لونه لبنى صارخ، ده اكتر لون ندى بتحبه، دايما بتقول لصحابها " اللبنى ده لون مجنون" كانوا بيقوللها "أول مرة نسمع انه اللبنى لون مجنون، احمر ماشى يجى مجنون لكن لبنى؟" و ترد ندى " انا كدة شايفه لون مجنون"
ويتميز جهاز البلاكبيرى بانه على اتصال دائم بشبكة الانترنت، التي أصبحت جزء لا يتجزأ من حياة ندى، فعلى الرغم من أنها لم تتعدى الثانية والعشرون من العمر، فانها لا تتذكر حياتها بدون هذه الشبكة العجيبة، لان بها إجابة لكل شيء يخطر في بالها، شعور غريب ان تشعر بأنك يمكنك ان تعرف كل شىء عن اى شىء فى اى لحظة. شعور بالقوة الغير محسوسة، شعور بقوة المعلومات المتدفقة اللامحدودة يعطيك إحساس تلقائي بالانتشاء، لكن الوصول إلى المعلومة كان جزء بسيط من قصة الانترنت فى حياة ندى. ففضاء الإنترنت أتغير في الشهور اللي فاتت، مع انتشار شبكات التواصل الإجتماعى في مصر بشكل غير مسبوق وخاصة موقع الفيسبوك اللي أصبح قبلة التواصل مع مئات من الشباب اللي في نفس سن ندى في كل حتة في العالم وطبعا في مصر بشكل اساسى.
ندى فاكره كويس أول يوم عاملت فيه "اكونت*" على الفيسبوك منذ اكثر من سنة تقريبا و كانت فى اجازة الصيف، الموضوع كان ابتدئ هزار لما صحبتها مريم قالت لها "انتى لسه ماعاملتيش اكونت على الفيس بوك؟ ايه ده معقولة؟ فيه حد لسه مش عامل "اكونت" ده كل صحبنا عليه يابنتى" و امسكت مريم بشاشة النوتبوك لتريها صور اصدقائها و قالت بصوت عالى "بصى محمد وكريم و صاحبهم رامى  كل شلة الجامعة عاملوا اكونتت"
وسارعت ندى لإنشاء حساب جديد فورا على الفيس بوك علشان تشوف ايه الحكاية، ومن ساعتها و الدنيا اتغيرت فعلا، واصبح متابعة اخبار اصدقائها من على ال  "wall" وهو المنطقة المخصصة لإرسال الأخبار والصور فى موقع الفيسبوك هو موقعها الدائم على الإنترنت. فى البيت، فى الجامعة، فى الكافيه فى كل حته ممكن تخطف فيها دقيقة علشان تتابع فيها ايه الجديد فى الفيسبوك.
والجديد النهارده واللي بقاله اكتر من شهر مولع الدنيا في الفيسبوك هو موضوع "خالد سعيد" وهو الشاب الإسكندرانى الذي لقي حتفه جراء ضرب موحش من رجال الشرطة. و قامت مجموع من الناشطين بعمل "جروب*" على الفيسبوك يتمكن من خلاله المهتمين بهذا الموضوع متابعة أخباره و التعليق عليها.
" اللى حصل لخالد سعيد ممكن يحصل لالى واحد فينا" علق احد الشباب على صورة صعبة جدا لخالد سعيد، ظهر فيها وجه مشوها بالكامل من جزء الضرب العنيف.
وفزعت ندى من منظر هذه الصورة المخيف و  كتب تعليق عليها على الفيسبوك
"مش ممكن اللي يعمل كده يكونوا بنى ادمين أبدا"
"انتى بتقولى ايه ياندى؟" لم تاخذ ندى بالها انها كنت تردد هذه الكلمات و هى تكتبها على الجهاز، و نظرت الى مروة اعز صديقاتها، لقد انشغلت ندى تماما بما تراه على الفيسبوك عن العالم حولها. فهاهى تجلس فى كافيها المفضل "سيلنترو" فى جامعة الدول العربية ولم تشعر بزحامه وضجيجه المعتاد.
"بصى شوفى الصورة دى"
و اعطت ندى الجهاز الى مروة، التى كدت ان تلقى به من الفزع. "يا ساتر! ايه ده" اهى اللى انتى ببتفرجى عليه ديه؟"
"ده خالد سعيد يا بنتى"
"خالد سعيد مين وهو شكله كدة ليه!"
قامت ندى بشرح قصة خالد سعيد الى مروة التى استمعت مفزوعة من توحش الشرطة وجبروتها الشديد فى معاملة الإبرياء.
و علقت مروة "بس الخبر ده انا مشفتوش فى اى حته خالص"
" هو احسن حتى تتابعى اخباره من الفيسبوك. سيبك من التليفزيون و الجرايد. دى مش حتنقلك اي حاجة صح اصلا"
"هو اسم الجروب ايه يا ندى؟"
"الجروب اسمه كلنا خالد سعيد"
"دى حاجة مخيفة بجد، انا هاتابع الجروب ده فورا"
"جروب ايه اللى حاتبعيه؟" علقت مريم صديقتهم الثالثة وهى تغلق هاتفها المحمول منهية مكالمة طويلة استمرت لأكثر من نص ساعة.
ندى: "خليك و حياتك فى اللى انتى فيه يا مريم! اخبار حبيب القلب ايه؟"
مريم: "لأ بجد جروب ايه؟"
ردت ندى و مروة فى نفس التوقيت "جروب كلنا خالد سعيد!"
مريم:" اه الجروب ده! ما انا شفته على الفيسبوك، ده جروب كله مشاكل وصورة وحشة و كلام كبير، احنا مالنا و مال الكلام ده! انا اصلا بطلت اتابعه"
ندى: " مش قلتلك خليك فى حالك"
انفعلت مروة " ازاى يا مريم تفكرى كدة؟ ايه السلبية دى؟ ده كان ممكن يكون اخوكى و لا قريبك"
نظرت مريم  بلا مبالاة الى اعز صديقاتها ندى ومروة و قالت
"مين عايز دور كابتشينو؟"
مروة: "انا هاقوم هاضرب البت دى!"
ندى: "سيبك منها هى طول عمرها كدة، هو انتى لسه هاتعرفيها النهاردة"
مريم: " على فاكرة انتوا اللى فاهمين الفيسبوك غلط" و امسكت مريم بجهاز النوتبووك الخاص بها ووجهت الشاشة الى ندي و مروة " بصوا شايفين الصورة دى؟ عارفين دى مين؟ دى أميرة عزيز؟ فاكرينها؟ بصوا لبسه ايه؟ بكينى! و تقريبا الصورة ده بره مصر. بصى الفاجرة وعمالة الصورة دى صورة " البروفايل" !"
مروة: لأ مش معقول دى بجد أميرة عزيز اللى كانت معانا فى سنة تانية؟ هى راحت فين دلوقتى؟
مريم: استنى لما ابعتلها "فريند ريقوسيت" شوف كدة حترد و لاايه.
و تركت ندى صديقاتها فى عالمهم الخاص لتعود هى الى عالمها الجديد، لتجد ان التعليقات على الصورة قد وصلت الى اكثر من 800 تعليق فى اقل من دقائق، شعرت ندى بالحماس الشديد فلديها الكثير مما تقرأه و الأهم ما يمكن ان تتواصل به ايضا.

-2-
توضأ احمد بماء بارد فى ساعات الفجر الأولى، انه يجد فى ملامسة الماء البارد لوجه متعة غريبة  تشعره بنوع من انواع التطهر الروحى والجسدى و تسرى فى جسده قشعريرة تعود ان يبدء بها يومه.
ونظر احمد الى وجه فى المرأة على الضوء خافت فى حمام الشقة المتهالك و امسك بشعر ذقنه الكثيف، المرأة صدأة و مكسورة الأطراف، تظهر من خلفه عدة شقوق فى الحائط و تمتم احمد بصوت منخفض "الحمام ده بحاجة الى توضيب ضرورى"
" ياعم دى شقة ايجار، حمام ايه اللى هتوضبه؟"
و التفت احمد فى تعجب من مصدر الصوت، ليجد أشرف صديقه و احد زملائه فى الشقة يقف خلفه على باب الحمام.
أحمد: " هو مافيش احترام خصوصية ابدا فى الشقة دى؟"
اشرف: " خصوصية ايه ياعم حمادة.. ده احنا خمسة فى شقة 90 متر، ياعنى الواحد كده ليه بتاع متر ولا اثنين،  خلص يا احمد قوام لحسن انا مش قادر خالص"
احمد:" انا خلصت وضوء اهو و هاسيبالك الحمام ياعم"
و تناول احمد الفوطة الخاصة به والصابونة ووضعهم فى كيس بلاستيك متهالك تظهر عليه بقايا الوان باهتة، من العادات التى تكتسبها من العيش مع عدد كبير من الأفراد فى شقة واحدة ان تحتفظ بأشياء خاصة لإستخدامك الشخصى، لأنك لو تركت اى حاجة فى الشقة سايبة فعليه العوض فيها، سيستخدمها الجميع ثم تختفى الى المجهول.
خرج احمد الى صالة الشقة و نظر الى طرابيزة خشبية فى منتصف الصالة محاطة بكرسين متهالكين عليها بواقى طعام عشاء امس، مجرد اوراق بيضاء فارغة غلفت سندويتشات فول وطعمية  واكياس مخلل  لم يتبقى بها شيء.
تخطى احمد بهدوء باقى زملائه النائمون على الأرض، ايمن وعادل و معاهم اشرف هم اللى اختاروا يناموا فى الصالة كدة، كل واحد على فرشته. اما هو واحمد القاضى الملقب ب "الحكم" بيناموا فى الغرفة الوحيدة فى الشقة، هى مش فارقة كتير هموا برضه بيناموا على الأرض بس على الأقل فيها بعض الخصوصية، وفيها دولاب ممكن الواحد يحتفظ فيه بعض المتعلقات الشخصية.
حقيقى مكانش فارق معاه موضوع الأوضة ده بس هم اللى اصروا، على اساس ان هو اللى جاب الشقة ليهم كلهم، على الرغم من تواضعها الشديد ووجودها فى منطقة اقل ما توصف به انه عشوائية، هى فى الحقيقة منطقة مخالفة وغير قانونية باى مقايس، بالقرب من منطقة "المرج الجديد"، مخالفة لان كل العماير مبنية بدون تراخيص، عماير داخلها كهربا و ماية بس مخالفة تماما، تستطيع ان تشعر بمعنى كلمة عشوائية فى شكل العمارات بطوبها الأحمر وفى ارتفاعاتها الشاهقة على الرغم من انها مطلة على حارات لا يزيد عرضها عن اربعة امتار، فلا يدخلها هوا ولا شمس، يمكن ان تشعر بعشوائيتها فى كل مايحيط بك من لا تنسيق وتخبط، كأن اللى كان بيبنها كان بيبنى فى الضلمة و مش شايف بيبنى ايه.
على الرغم من ذلك فهى شقة رائعة بكل المقايس نظرا لظروف كل المقيمين بها، فهى تقع بالقرب من "خط مترو المرج" و فى الدور الرابع و على الرغم من انه ما فيش اسانسير، فهى كدة احسن من ان تكون فى التامن او السطوح و اهم حاجة ان ايجارها 350 جنيه و ده رقم معقول جدا على اساس ان الشقق اللى زيها النهارده ما بتقلش عن 500 جنيه.
دخل احمد الى الغرفة سريعا لقد اوشك المؤذن ان يقيم صلاة الفجر، وفتح احمد الدولاب مصدرا صريرا مزعجا، و اخرج قميص ازرق و بلوفر بنى اللون، انه يعتنى بملابسه المحدودة اقصى اعتناء منذ ايام الجامعة، فعلى الرغم انه تخرج من جامعة شبين الكوم كلية الإداب قسم تاريخ منذ سنة تقريبا، فإن معظم ملابسه الحالية هى ملابسه من ايام الجامعة وذلك نظرا لظروفه الإقتصادية الصعبة، فاحمد وهدان الجبالى، والده كان موظف فى وزارة الري فى محافظة الغربية من قرية بركة السبع، صرف كتير على تعليمه هو واخوه الأكبر محمد وتوفاه الله منذ 3 سنوات، تاركا لهما بيت ريفى صغير وتعلميهم وبس، وللاسف تعلميهم هم الأثنين ماتحاولتش الى دخل مادى يكفى اى حاجة منطقية من المصروفات المتعددة اللى فى حياتهم. و ترك لهم ابوهم عبأ الإعتناء باختهم "ملك" ووالدتهم واتفق الإثنين على وضع "ملك" اختهم الصغيرة كهدف اول، فى انها تخلص تعليمها وتتجوز قبل ما اي حد يفكر فى حاجة لنفسه.
محمد اخوه ربنا وفقه فى شغلانة فى نادى بتروسبورت، مشرف امانات على ملاعب كرة اليد، هى طبعا ملهاش اى علاقة بدراسته، فهو خريج تجارة شعبة محاسبة، برضه من جامعة شبين الكوم زى احمد. بس "مصر مفهاش اكتر من المحاسبين" زى ماقاله حد مرة و هو بيعمل "انترفيو" لشغلانة محاسب. عالعموم هى شغلانة مرتبها معقول، بس مواعيدها صعبة شوية و فيها سفر ساعات مع فرق كرة اليد من اعمار مختلفة، سفريات جوة مصر مرة اسكنرية مرة اسيوط  اهى مسلية و بيعتبرها تغيير جو.
اما احمد فهو الى الان لم يوفق فى شغلانة معقولة يثبت فيها و تنقل بين كذا شغلانة اخرها الان بياع فى محلات "التوحيد والنور*"  فى فرع شبرا الخيمة، مشرفا على قسم الملابس الداخلية الرجالى ولأطفال.  يمض على وجوده فى شغله الجديد اكتر من اربعة شهور والشغلانة مضنية فهو يعمل من ال10 صباحا الى 11 مساء تقريبا كل يوم حتى يوم الجمعة تضطره الظروف ان يذهب احيانا الى الشغل، و مرتبها محدود  حوالى650 جنيه ومع بعض الحوافز و المكافأت ممكن توصل ل 750 جنيه وده مبلغ مش بطال، بس لاسف المصاريف الكتير هنا وهنا بتخلى المبلغ يختفى على يوم 10 فى الشهر بالكتير و باقى الشهر بينقضى بمعجزة هو ذات نفسه مايعرفش سرها بس اهو بينقضى.
تحسس احمد جيب البنطلون ليتاكد من ان الفلوس الباقية لازالت موجودة، باقى حوالى 65 جنيه، حلوين قوى اهم حاجة ان فلوس "السايبر*" او الإنترنت كافيه موجودة يبقى كله تمام.
ارتد احمد ملابسه سريعا، و خرج الى الصالة المعبئة برائحة عرق كامن و رائحة اجساد لم تستحم منذ فترة طويلة، امتزجت مع رائحة بواقى الطعام لتجعل للشقة رائحة مميزة، يصعب إزالتها  وذلك مع قلة تنظيف الشقة الإ فيما ندر، لذلك سعد احمد بفتح باب الشقة ليخرج سريعا محاولا استنشاق نسائم الفجر.

-3-
 "العيال ولاد الكلاب دول لازم يتلموا"
"يا باشا دول شوية عيال، زى ما انت بتقول، متحرقش دمك"
"انت مش شايف الكلام اللى هم كتابينه على الزفت بتاعهم ده" بص و ازاح الرجل شاشة الكمبيوتر، ليرى الجالس امامه صفحة الفيس بوك المفتوحة
و ابتسم ضابط امن الدولة، و هو يرى صورة البروفايل المفتوح و قال ضاحكا " ايه ده ياباشا.. شكلك اتغيرك اوى، و ايه الصورة الجميلة دى ، و الاسم ايه مش واخد بالى؟"
ضاحكا باقتضاب " عامل البروفايل اسمه "نادية وهبى" اهو بنلعب معاهم شوية، بص شوف التعليقات دى و قلى رايك"

نظر ظابط امن الدولة الى التعليقات على صفحة "كلنا خالد سعيد" و قرأ  التعليق بصوت مرتفع:
" العدل المفقود فى الشارع و الشرطة و امن الدولة التى انحازت للفساد و البلطجة يجب القضاء عليهم"
" بص بيقولك ايه؟ القضاء عليهم؟ دول بيهددونا باه عينى عينك"
"و العيال دى يعنى  هاتروح فين اكتر من الفيسبوك يا باشا، سيبهم يتسلوا، زى ما الريس قال كدة بالضبط"
"لأ لأ الريس كان بيتكلم عن المعارضة و البرلمان الموازى ودى عالم احنا عارفين اولها من اخرها, العيال دى حاجة تانية خالص"
"عالعموم الحقيقة انا كنت جايلك علشان الموضوع ده، انت عارف الموضوع ده ابتدى يكبر شوية بعد اللى حصل فى تونس* و انا محتاج التقرير النهائى من الإدارة عندك"
" ليه؟ هو اللى اتغير؟"
تنحنح ظابط امن الدولة قليلا  ثم قال:" اللى اتغير انه الموضوع ده مش حتمسكه إدارة الإتصالات لوحدها"
" ياعنى ايه! ده المو ضوع ده احنا مساكينه كله من الأول، و ماشى مظبوط"
"و الله الباشا الكبير شايف غير كدة، وواضح انه جايله تعليمات من فوق قوى"
رد الرجل بانفعال شديد "فوق و لا تحت الموضوع ده انا شغال عليه بقالى اكتر من سنة، قصدى ياعنى الإدارة عندى شغاله عليه وبعدين حد يجى يخده على الجاهز، ده ينفع الكلام ده"
" هو تقريبا فى لجنة عليا حتتولى الملف كله على بعض، و انت يا باشا شغلك ماشى زى ما هو"
رد الرجل بإقتضاب " ماشى انا حاجهز التقرير الجديد، بس العيال دى بتاعتى و انا فاههمها كويس و خطتى جاهزة و شغال فيها"
ضحك ضابط امن الدولة "يا باشا انا متاكد ان خطتك دى هتظبط العيال دى و الموضوع ده مجرد تنسيق مش اكتر، علشان الدنيا شكلها سخن شوية. استأذن انا يا باشا"
رد الرجل و هو ينظر الى شاشة الكمبيوتر "طب القهوة طيب"
"مرة تانية يا باشا، مرة تانية انا متاكد احنا حنتقابل كتير الأيام الجاية"
وتوجه ظابط أمن الدولة الى باب الغرفة المصمت وفتحه و خرج فى هدوء.

-4-
فى غرفة مكتب فاخرة تقع فى دور مرتفع من أبراج النايل سيتى، تطل على منظر خلاب لنهر النيل،  صوت المكيفات الهادئ يرسل هسيسا خفيفا فى انحاء المكتب، الزجاج العازل للصوت يعمل بكفأة، فتنظر الى حركة مرور القاهرة الكثيفة والمزدحمة في الأسفل ولا تسمع لها صوت، و كأنها فى عالم أخر لا علاقة له بضوضاء القاهرة اليومية.
 نظر البير الى شاشة ال سى دى المعلقة امام مكتبه متابعا الأخبار القادمة من تونس، ان ما يحدث فى تونس من ثورة شعبية امر جديد فى الشرق الأوسط، شاشة الجزيرة تنقل صورة الاف من الشعب التونسي فى الشوارع يصرخون فى نفس واحد و بشكل متكرر "الشعب يريد اسقاط النظام".
رن جرس الهاتف على مكتبه، و التقط البير السماعة لسيتمع الى صوت سكرتيرته و هى تقول " فواز من تونس على الخط"



السبت، 2 أبريل 2011

عمرو قطامش - من مسابقة Arabs Got Talent

قالوا عنى شابا سيس
لا أعرف غير التهييس
وثقافة عمرى تتلخص فى شات الياهو والفيس
بنطالي يسقط عن وسطي شبرين كشابا خنفيس
واقول الهاي و اتبعها بالسانكس او مان او بيس
واتفتف فى شعري جل او بالتوكة و الدبابيس
اتقبل منك السب واقبل قولك انى سيس
فبصرخة شاب سيس سقط نظام و رئيس

ومحطة إعلام الكاكى كان رخصتهم ملاكي
قبل الثورة اختارناه و باياعناه بعد الثورة  غنوا لولاكي
يوما قلبت التلفاز لمحطة إعلام الكاكي
لأتابع اخبار الثورة بعد ان افتعلت ارباكي
قالت مذيعة بلهجة سريعة
معنا مسؤل و كبير ليناقش امر التحرير
أوجدنا حلا لنقلل عدد المحتشدين على الميدان
قطع الماء ,قطع النور و قطع الفول مع إلغاء النت وشبكات المحمول
ولنقضى على المليونية أوجدنا حلا و بسرعة
وبدون نقاش و جدال قد الغينا يوم الجمعة
كى نهدء برهة وننام خلي الأسبوع ست ايام
ولأثبت للعالم أنى أهتم بدينى للأبدي فصلاة الجمعة ياولدي
كمؤازارة سنصليها مع اخوتنا يوم الأحد
مرسى مرسي يافندم معنا شاب شرير من ميدان التحرير
يا ناس أنام على الأرض و الجسم  من البرد يكاكي
والمعدة صارت خاوية كالصحراء بلا اشاوكي
لاتشكو من هضم حتى من إسهال او امساكى
و الإعلام يقول بأنا نلهط وجبات الكنتاكي
 
يامصر انا لم يؤخذنى للثورة حبا الإ لكي
يامصر انا لم يؤخذنى للثورة حبا الإ لكي

عذرا انقطع الإرسال اهم مهم مهم
جأتننا انباء مهمة  حذروا فزورو
أه صح نجحت الثورة نجحت ثورتنا ياعالم
أه اوه نجحت ثورتنا
ماذا ستقول يا فندم
مبروك للشعب ولينا
فاليوم فهمنا الحرية
مبروك لشباب ناضل من اجل الديموقراطية
كنا دوما معاهم فيها والله الأدرا بالنية

عذرا لحظات ونواصل بعد فواصل إعلانية

لوشاكك اوعندك خوف
أو قلقان من ضربة مولوتوف
لوخايف من غزة مطواة
هاتجيليك منهم على سهواة
لو عايز تتحلى بصحة
لاتخاف على صوتك من بحة
ولا تهرب من اى مناورة
خدلك بأه عصير الثورة
عصير الثورة الشعب يريد طعن البرتقان

يا معشر تجار الثورة لم يبقي مكانا لغبي
احترموا ثورتنا كانت كانها تشبه معجزة لنبي
احترموا الثورة و احترموا شهداء الوطن العربي