الأحد، 18 ديسمبر 2011

ليه الجيش بيعمل كدة؟



ليه الجيش بيعمل كدة؟

وبصراحة لازم نقول الجيش مش بس المجلس العسكري علشان ناس كتيرة فى الاعلام تقعد تقولك الجيش حاجة و المجلس العسكري حاجة تانية، و دي اول كدبة صدقنها او عايزين نصدقها، الناس نفسها ان تفصل بين الدور السياسي الذي يقوم به المجلس العسكري و الجيش ولكن الحقيقة انهم جزء لا يتجزء و نسيج واحد وقادة المجلس العسكري هم بالفعل قادة الجيش و جنودهم بتلتزم باومراهم، مشكلتنا اننا بنتعامل علي عكس هذه الحقيقة، الجيش و المجلس كيان واحد ولاانفصال بينهم باي صورة من الصور.
المقدمة دي مهمة جدا لفهم ليه الجيش بيعمل كدة؟ ليه حصل عنف فى ماسبيرو وسقط ضحايا؟ ليه عمل كدة فى مجلس الوزارء و سقط ايضا ضحايا فى اقل من شهر، لفهم هذه الاحداث يجب النظر الي طريقة عمل الجيش و طريقة تسلسل القيادة فى الجيش و طرق اتخاذ القرار، ومصادر المعلومات لدي الجيش، فهم ده، هيوضح ازاي الاحداث العجيبة اللي بنشوفها قدامنا دي بتحصل.

الحقيقة ان المجلس العسكري لديه اقتناع راسخ ومؤكد ان هناك عناصر مدسوسة تعمل علي زعزعة استقرار مصر و جرها الي مواجهات بشكل او باخر و ان الناشطين السياسين مدفوعين باجندات اجنبية بشكل او باخر، وتاكد هذا المعني فى الاتهام الصريح الذي وجه اللواء الرويني الي حركة ٦ ابريل بتلقي بتمويل اجنبي، و علي الرغم من تبرئة القضاء للحركة، الا انه سارع المجلس بتاكيد ان التحقيقات مازالت مفتوحة!
من المؤكد ان مصدر هذا الاعتقاد الراسخ لدي المجلس العسكري واعضائه له مايبرره، من وجهة نظرهم، ربما تكون مصادر هذه المعلومات المخابرات العسكرية او المخابرات العامة او الامن القومي، وقد صرح اعضاء فى المجلس انه سيتم نشر المعلومات فى الوقت المناسب، الذي يبدو انه لن ياتي ابدا.

هذه التقارير هي مصدر هذا الاعتقاد الذي يترسخ كل يوم اكثر و اكثر لدي اعضاء المجلس العسكري، وهذه هي اكبر مصيبة فى التعامل مع الاحداث، فعلي الرغم من انني لا اعلم محتوي هذه التقارير ولا مدي دقتها او صدقها، فاني علي يقين بان من اعتصموا عند المجلس الوزراء و المتظاهرين فى ماسبيرو و محمد محمود ليس لهم اجندات و ليسوا جزء من مخططات اجنبية لهدم مصر، انهم شباب وشابات و رجال ونساء و اطفال من شعب مصر، يملئهم غضب مكتوم يكبر كل يوم و من كل طبقات الشعب و طوائفه ويتوجهون للتعبير عن غضبهم الي الشارع لاسباب مختلفة، يجمعهم شعور عام بان الثورة لم تحقق اهدافها، و يشعرون ببطء اتخاذ القرار و التخبط وساعات كتيرة بينزلوا تعاطفا مع الثوار لما بيسمعوا انهم اتقتلوا و اتضربوا، علشان عارفين ان لول هؤلاء القلة الثائرة، لما كان فيه امل في بكرة.

عدم قدرة المجلس علي فهم هذاالغضب الشعبي المكتوم، واصراره الشديد علي ان كل من يتوجه فى اعتصام او مظاهرة هو مدفوع باجندة خارجية و غير وطني هو سبب رئيسي لحدوث هذه المواجهات الدامية المستمرة، وعدم تغير هذه الصورة و الانطباع لدي قادة المجلس العسكري له اسبابه، و السبب الرئيسي هو طريقة عمل الجيش كمنظومة، فقادة الجيش لا يستقون معلوماتهم من الفيس بوك و التويتر او الاعلام، كل ده مالوش لازمة فى نظرهم، او علي اقل تقدير لا ينفع كمصدر معلومات موثقة من وجهة نظرهم، فهم يستقون معلوماتهم " الموثقة" فى نظام تسلسلي قيادي، يصدر تقاريره عن الاحداث.

وده يفسر بطء اتخاذ القرار و التحرك الذي يشوب اداء المجلس العسكري، فهو دائما فى انتظار هذ التقارير العسكرية الامنية، لاتخاذ قراره، والتصرف علي ضوء مافيها، من يكتب هذه التقارير؟ الصف الثاني من القيادات قى الجيش لم يتغير بالطبع، ونشيء واتربي فى حضن مبارك، ومن الصعب تصور تعاطفهم مع الثورة وومطالبها، او الثوار و احلامهم، فايام مبارك كانت رائعة لهم، والانسان بطبعته يكره التغيير، غير انه اتعود انه يشرب وياكل احترام القيادات، فما بالك بمبارك القائد الاعلي للقوات المسلحة، هذه الكراهية الدفينة للثورة استطيع ان اجزم انها تغلف الكثير ممن ينتمون للجيش، و من الصعب تصور انهم قادرون عل كتابة تقارير محايدة او ناقلة بصدق لما يحدث علي الارض.

اضف الي ذلك رغبتهم فى حماية انفسهم و زملائهم من الجيش من اي نقد او تسجيل اخطاء قد تضر بيهم، وده يفسر بشدة ان يصرخ الجميع من الصور و الفيديوهات التي تملاء الانترنت، وبها جنود و عساكر و ظباط يحملون اسلحة نارية، ثم يصدر تصريحات لايعقلها عاقل تقول ان الجيش مكانش معاه سلاح!

يصرخ الجميع بان الشهداء يسقطون و بعدين تصريحات مستفزة بان الجيش لم يستخدم القوة فى فض الاعتصام هذا الازدواج و التناقض الشديد بين ما يحدث فى الواقع وتقارير الجيش هو نتاج طبيعي لكيفية عمل الجيش و تسلسل نقل المعلومات بداخله.

للاسف الشديد سنظل فى هذه الدائرة المفرغة من واقع مفزع علي الارض يسقط فيه ضحايا و دماء وسحل و انتهاك لحرمات الناس وبين صورة اخري مغايرة تماما يتم نقلها داخل الجيش و قيادته عن شباب خائن و له اجندات ويعتدي علي افراد الجيش و هو يقوم بواجبه، لن ينتهي هذا الوضع ابدا، اذا لم تستوعب قيادات المجلس العسكري حقيقة الواقع الذي يجري فى الشارع وادراك كم الغضب الشعبي المكتوم من ناس ليس لديها اجندات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق